منتديات بحر الحــــب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات بحر الحب
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سيرة المتنبي(الجزء الخامس)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
moadth
مشرف
مشرف



المساهمات : 123
تاريخ التسجيل : 04/04/2010

سيرة المتنبي(الجزء الخامس) Empty
مُساهمةموضوع: سيرة المتنبي(الجزء الخامس)   سيرة المتنبي(الجزء الخامس) Emptyالثلاثاء أبريل 06, 2010 1:43 am

نال أبو الطيب جاها وحظوة من لدن سيف الدولة، ولكن من أين للشاعر المتعالي المقيم على قلق، أن يهدأ أو بالأحرى أن تهدأ خواطر الذين قطع عليهم بشعره أرزاقهم، أو أقصى منزلتهم من الأمير الذي أجل شاعره في أكرم منزلة. لقد بدأت الوشايات والسعايات في بلاط سيف الدولة تعمل عملها، حتى لقيت في نفس الأمير أكثر من صدى، فتحول حماسه لشاعره إلى فتور، ولا نقول جفاء، خصوصا وأن وراء الوشايات والسعايات كبارا من أمثال أبي فراس الحمداني وابن خالويه والنامي وسواهم من رجال البلاط
وعندها علت صيحات الشعراء وشكواهم من تعالي أبي الطيب عليهم، فأثر ذلك في سيف الدولة ثم قويت نفرته مع أبي الطيب، فأمر غلمانه بقتله، فتعرضوا له في الطريق، غير أنه استطاع تفريقهم عنه واختفى في حلب لدى بعض أصدقائه، وراسل الأمير فأنكر أنه أمر له بسوء، وبعد تسعة عشر يوما جاء إلى القصر، ورحب به سيف الدولة، وخلع عليه وسأله عن حاله، فأجاب: رأيت الموت عندك أحب إلي من الحياة عند غيرك. وكان أشياعه ينشرون مدائحه ويذيعون فضائله ويتأولون به، وأعداؤه يخنقون عليه ويغضون من شأنه. وفي ذات مرة قال أبو فراس شاعر البلاط الحمداني لابن عمه:
(هذا المتشدق كثير الإدلال عليك. فأنت تعطيه ثلاثة آلاف دينار كل سنة على ثلاث قصائد ويمكنك أن تغدق مئتي دينار على عشرين شاعرا يأتون بما هو خير من شعره . (غير أن أبا الطيب فارق سيف الدولة حانقا متبرما فلعل وقوفه بين يدي كافوروهو من أعداء سيف الدولة يثير غيظه، أو لعله أراد به مصانعة كافور لينال منه الذي وفد عليه من أجله على أنه - وإن ترك معه ما جرت به عادته مع سيف الدولة - فقد اتخذ لعزته لونًا آخر، فقد كان يقف بين يديه وفي رجليه خفان وفي وسطه سيفه ومنطقته.
أقام أبو الطيب في مصر أربع سنوات ونصف سنة وعرض في مدائحه لكافور بسيف الدولة ورضي أن ينشد شعره واقفا بين يديه على خلاف عادته، ولقي الشاعر من كرم كافورما جعله في مصاف الأغنياء. ولكنه ما لبث أن أسفر عن أطماعه الأولى، فطلب أن يتولى (ولاية) أو (إمارة) وألح في طلبه هذا وألحف، ومدح نفسه في مطلع القصائد التي مدح بها سيده الجديد. ولما رأى كافور يماطله ويؤجل تنفيذ رغبته، راح يشكو أمله ويمتدح سيف الدولة ويعلن أسفه على فراقه. ودبت النفرة بين الرجلين، وانقطع أبو الطيب عن مدحه ثمانية أشهر، ثم نظم قصيدة ظاهرها المدح وباطنها التأنيب. ثم أصيب بالحمى ونظم أثناء مرضه قصيدة عرض فيها بكافور وبخله. ولم يكن كافورأهلا لهذا الهجاء ربما منع الشاعر ولاية أو ضيعة ولكنه استحقه بما وعد ومطل، ثم أخلف فملأ نفس الشاعر الطموح غيظا. تناقل الناس القصيدة وبلغت كافورا فامتعض. وكانت بين كافور وفاتك الرومي منافسة عنيفة، وكان الثاني يقيم بالفيوم (وهي إقطاعة له) حتى لا يضطر الركوب في معية الأسود، واتصل فاتك بأبي الطيب وراسله، والتقيا في الصحراء، فكانت هديته للشاعر ألف دينار ذهبا أتبعها بعدة هدايا ثمينة، فمدحه بقصيدة وخز فيها كافورا وخزا مؤلمًا.
أما كافورفقد كظم غيظه، وطلب من الشاعر أن يعود إلى سيرته الأولى في مدحه، فتجددت آماله، وحسب أن الوالي - أو كما يلقبه (أبو المسك) و(الأستاذ) سيبرّ بوعده في النهاية، ونظم قصيدة طويلة كرر فيها طلباته السابقة وملأها لوما وتوبيخا، فغضب أبو المسك ومنع الشاعر عن الرحيل وبث حوله العيون والأرصاد. ولما حل العيد وشغلت احتفالاته رجال الدولة هرب أبو الطيب ونظم قصيدته المشهورة هذه عند خروجه من مصر ، ومطلعها:


عيد بأية حال عدت يا عيد _________________________
بما مضى أم بأمر منك تجديد _________________________

وسار في درب غير مطروقة، وعلم كافور بالأمر، فكتب إلى عماله أن يقتفوا آثاره ويعتقلوه، لكنه استطاع الإفلات بعد رحلة مضنية حتى وصل الكوفة بعد ثلاثة أشهر..
هجا الشاعر كافورا وأفحش، وجاءت كل كلمة في قصائده شواظا من نار. وبقي في العراق ثلاث سنوات، ومر ببغداد عدة مرات، وأبى أن يمدح الوزير المهلبي، فأغرى به جماعة من شعراء العاصمة، أفرطوا في شتمه وتحقيره فلم يجبهم. علم سيف الدولة بخروج الشاعر من مصر مخاصما لكافور ، وبلغته قصائده في هجوه، فبعث إليه بالهدايا، وسأله القدوم إلى حلب ، فعاد إلى مدحه، ثم بعث إليه قصيدة يعزيه بوفاة أخته. وقصد بعد ذلك الوزير ابن العميد الأديب الشاعر، في فارس ومدحه. وسافر إلى عضد الدولة البويهي في مدينة شيراز ، فرحب به وأنزله أفضل منزل، ومدحه بست قصائد كافأه عليها بمال وافر، وخلع سنية. وبقي في شيراز مدة تقارب الثلاثة أشهر، رحل عنها مودعا مليكها بقصيدة كانت آخر قصيدة له، يقول:
وقد رأيت الملوك قاطبة _________________________
وسرت حتى رأيت مولاها _________________________

تجمعت في فؤاده همم _________________________
ملء فؤاد الزمان إحداها _________________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سيرة المتنبي(الجزء الخامس)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سيرة المتنبي(الجزء الثامن)
» سيرة المتنبي (الجزء الثاني)
» سيرة المتنبي(الجزء الثالث)
» سيرة المتنبي(الجزء الرابع)
» سيرة المتنبي(الجزء السادس)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بحر الحــــب :: المنتديات العامه والادبيه :: منتدى القصص والروايات-
انتقل الى: